لقد منّ الله تعالى على الأردن، عبر تاريخه العريق، بنعمة القيادة الهاشمية ونعمة الوحدة والتلاحم، في كل الظروف والأحوال.
وما الولاء للعرش الهاشمي والانتماء لثرى الأردن الطاهر، الذي نتفيأ اليوم ظلاله ونعيش بظل حكمته وقيادته منذ تأسيس الدولة، إلا تجسيد للبيعة التي تربطنا بالعرش الهاشمي، والميثاق المتبادل بيننا، على الوفاء الدائم لثوابت الأردن، والتضحية في سبيل امنه واستقراره.
فكان هذا العهد بين ملوك هذا الوطن وأبنائه، وما يزال، بمثابة الحصن المنيع والدرع الواقية، التي تحمي الأردن من مناورات الأعداء، ومن كيد الحاقدين ومن مختلف التهديدات.
ومكننا هذا الارتباط العضوي من تجاوز الصعاب وتخطي التحديات، ومن تحقيق العديد من المكاسب والمنجزات، التي نعتز بها، في ظل الوحدة والأمن والاستقرار.
فمنذ أن تولى جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله العرش، وهو دائم الأمل والعمل والإصغاء لنبض المجتمع والحريص على التواصل مع الجميع بشخصه او من خلال الديوان الملكي العامر ممثلاً برئيسه، والتجاوب مع المتطلبات المشروعة للمواطنين، من أجل تحسين ظروفهم.
إن طموح جلالة الملك للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، يفوق بكثير وضع آلية أو برنامج مهما بلغت أهميته، لذا، فإن على الحكومة والبرلمان والأحزاب وجميع القوى الوطنية والفاعلين المعنيين، القيام بإعادة هيكلة شاملة وعميقة، للبرامج والسياسات الوطنية وهو ما يتطلب اعتماد مقاربة تشاركية، وبُعد النظر، والسرعة في التنفيذ أيضا، مع تعظيم المكاسب والاستفادة من التجارب الناجحة، ونحن جميعا في انتظار أن يعطي هذا الإصلاح ثماره كاملة.
وإذا كان ما أنجزه الأردن وما تحقق للاردنيين، على مدى عقدين من الزمن يبعث على الارتياح والاعتزاز، مما يتطلب الحرص بكل التزام وحزم لمواصلة المسيرة، حتى نتمكن جميعا من تعظيم الإنجاز وتقويم نقاط الضعف ومعالجتها، وكيف لهذه البرامج، أن تستجيب بفعالية، لحاجات المواطنين ويلمسوا أثرها.
فالاردن هو وطننا، وهو بيتنا المشترك، مما يستوجب علينا جميعا، أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه وتطوره.
فالوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن والنماء، وخاصة في المراحل الصعبة. والاردنيون الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف ولا يأبهون بالعاتيات، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة كل الاستثناءات.
ونحن على ثقة بأن الاردنيين لن يسمحوا لدعاة السلبية والعدمية، وبائعي الأوهام، ومستغلي العواطف بتوظيف بعض الاختلالات والمرور من بعض الثغرات، للتطاول على أمن الأردن واستقراره، أو لتبخيس مكاسبه ومنجزاته ومحاولة الحط من قدره. لأننا ندرك أن الخاسر الأكبر، من إشاعة الفوضى والفتنة، هو الوطن والمواطن، على حد سواء.
ونمضي معا مواصلين السير، والعمل معا، لتجاوز كل المعيقات الطارئة والمارة بثبات وإصرار وعزيمة وإرادة، وتوفير الظروف الملائمة، لمواصلة مشاريع التحديث السياسية والاقتصادية وتنفيذ البرامج والمشاريع التنموية، وخلق فرص العمل، وتغطية جميع الاختلالات إن وجدت لضمان العيش الكريم.
ان تحقيق الإنجازات، وتقويم الاختلالات، ومعالجة أي مشاكل اقتصادية أو اجتماعية، يقتضي العمل الجماعي، والتخطيط والتنسيق، بين مختلف المؤسسات والفاعلين، وخاصة بين أعضاء السلطتين التنفيذية والبرلمانية، والأحزاب المكونة لها، وضمان السير الصحيح للمؤسسات، بما يعزز الثقة والطمأنينة داخل المجتمع.
ذلك أن قضايا الوطن والمواطن لا تقبل التأجيل ولا الانتظار ولا التقاعس ولا التراخي، مما يفترض أن تقوم الأحزاب بمجهودات من أجل النهوض بدورها. ويتعين عليها استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، لأن أبناء اليوم، هم الاقدر على معالجة المشاكل، ومتطلبات اليوم، ويستطيعون صياغة المستقبل برؤى عصرية حديثة، كما يجب على هذه الجهات العمل على تجديد أساليب وآليات اعمالها.
فالمنتظر من الحكومة والبرلمان ومختلف الأحزاب، التجاوب المستمر مع مطالب المواطنين، والتفاعل مع الأحداث والتطورات المستمرة قبل وقوعها، بل واستباقها، بدل تركها تتفاقم، وكأنها غير معنية بما يحدث.
ولا داعي للتذكير هنا، بأننا لا نقوم بالنقد من أجل النقد، وإنما نعتبر أن النقد الذاتي فضيلة وظاهرة صحية، كلما اقترن القول بالفعل وبالإصلاح.
والواقع أنه لا يمكن معالجة مشكلتي الفقر والبطالة، أو إيجاد منظومة اقتصادية عصرية ولائقة، إلا بإحداث نقلة نوعية في مجالات الاستثمار، ودعم القطاع الإنتاجي الوطني.
ولا يغيب عن بالنا جميعا تعظيم المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الدولة بقيادة الملك وولي العهد في المجالات كافة لنصرة اشقائنا في غزة ولبنان ووقف نزيف الدم الفلسطيني امام وحشية الاحتلال الإسرائيلي وما تقوم بها قواتنا المسلحة الباسلة من عمل إنساني عظيم داخل الوطن وخارجه وللتصدي للجماعات الإرهابية والمتطرفة البائسة للنيل من امن هذا البلد واستقراره وثنيه عن دوره الإقليمي والدولي، وخاصة من خلال المستشفى الميداني بغزة للتخفيف من معاناة أشقائنا الفلسطينيين، ودعم صمودهم، ليضاف إلى دورها الإنساني والطبي سابقاً، في ال?ديد من دول العالم.